قال مانفريد ويبر النائب الأوروبي الألماني رئيس كتلة حزب الشعب الأوروبي: إنه “في الوقت الذي تحبس فيه واشنطن أنفاسها، بدأ صبر بروكسيل ينفد، وعن طريق الصدفة، تتزامن الانتخابات الأمريكية -هذا العام- مع بدء جلسات الاستماع للمرشحين للمفوضيات الأوروبية”.
وأضاف ويبر، في مقال نشرته صحيفة “L’Opinion” الفرنسية، تحت عنوان “لا يجب أن ندع واشنطن تفرض الأجندة الأوروبية”، أن “هذين الحدثين سيجسدان -في نهاية المطاف- الحاجة الملحة للاتحاد الأوروبي المتمثلة في ضمان سيادته”، مبينا أن “الانتخابات الأمريكية، وكيفما كانت نتيجتها النهائية، يظل من المهم جدا أن تتولى قارتنا بنفسها مسؤولية أمنها عن طريق اتخاذ إجراءات ملموسة، وفي إطار شراكة أطلسية وثيقة”.
وأضاف كاتب المقال أن “أوروبا يجب أن تواصل تطوير إنشاء سوق موحدة للدفاع، فالقارة العجوز تسيطر على أكثر من 27 بالمائة من هذه الصناعة على مستوى العالم، خلف الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة، لكن تجزئة الفضاء الأوروبي إلى 27 سوقا تعوق قدرتنا على العمل معا”، مبرزا أن “تطوير التعاون بين دول الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون هدفا رئيسا، كما ينبغي علينا فتح الطريق نحو إنشاء مشاريع طموحة”.
وتابع “إذا كان على الاتحاد الأوروبي التفكير بشكل أعمق والاستثمار في التقنيات الدفاعية المستقبلية، فيتعين عليه أيضا أن يمنح لنفسه الوسائل اللازمة للعمل على المدى القصير للغاية”، مشيرا إلى أنه “بالإضافة إلى حلف شمال الأطلسي، وبالتعاون مع الدول الأعضاء فيه، يتعين علينا أن نشجع الإنتاج الدفاعي ونعزز احتياطاتنا، وأن نستمر في مساعدة أوكرانيا على كسب الحرب”.
وأردف “علينا أن نبذل جهدنا، فالأمر يتعلق بالمصداقية، وتحقيق الاستقلال في مجال الدفاع سيعتمد، قبل كل شيء، على التزام المفوض المرشح بدعم أولويات الاتحاد الأوروبي”، مؤكدا أن “هذه الاستراتيجية يجب أن تطبّق أيضا على القطاعات الأخرى التي يتعين على القارة تعزيز سيادتها فيها، وهي كثيرة، سواء كان ذلك في مجالات الغذاء… أو فيما يتعلق بالتكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، لأن أوروبا متخلفة عن الركب ويتعين عليها أن تتصرف في أسرع وقت ممكن”.
وختم مقاله بالقول: إن “الانتخابات الأمريكية ستكون لها -بالتأكيد- تداعيات كبرى، لكن كأوروبيين، اتخذنا بالفعل قرارا واضحا برسم طريقنا الخاص، من خلال بناء اتحاد دفاعي أوروبي حقيقي مندمج في حلف شمال الأطلسي القوي”.
كما ذكر أوجينيو كابوزي الكاتب الإيطالي أنه “مع نهاية حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من الصعب للغاية التنبؤ بالفائز، لكن المؤكد هو أن المواجهة بين ترامب وهاريس تجسد انقسام أمريكتين تتواصلان قليلا جدا مع بعضهما البعض”.
وأردف في مقال نشره موقع “La Nuova Bussola Quotidiana” الإيطالي بعنوان “الانتخابات الأمريكية.. مواجهة بين الأيديولوجيا والواقع”، أن حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية بدأت كإعادة لسباق انتخابات 2020 بين جو بايدن ودونالد ترامب، لكن سرعان ما اتخذت مسارا غير متوقع بتغيير المرشح الديمقراطي من بايدن إلى نائبته كامالا هاريس، إلى جانب تعرض ترامب لمحاولات اغتيال نجا من أولها بمعجزة.
واعتبر أن تلك التقلبات ساهمت في زيادة حدة التباين الراديكالي الذي تشهده البلاد منذ أكثر من عقد من الزمن بين النخب الكبيرة والشركات العالمية من ناحية، والطبقتين الوسطى والعاملة المتضررتين من العولمة والقوى العظمى من ناحية أخرى، مشيرا إلى تمثيل الديمقراطيين منذ أوباما وهيلاري كلينتون للنخبة في الولايات المتحدة، وتبني الحزب الجمهوري بقيادة ترامب مصالح الطبقتين الوسطى والعاملة.
واعتبر أن مواجهة 2024 بين هاريس وترامب كانت تهدف منذ البداية إلى تعبئة المراكز الانتخابية بدلا من إقناع المترددين، خاصة مع إدراك الجانبين أن النتائج قد تحسم بفارق بضعة آلاف من الأصوات في الولايات الحاسمة، مضيفا أن الجانبين اعتمدا نهجا قائما على “الهوية” موجها لفئات معينة من الناخبين، واعتبرا المواجهة معركة تاريخية ذات أهمية خاصة، مما أدى إلى رفع مستوى التشكيك في شرعية الخصم الآخر.
وعن الفائز، قال “إنه من الصعب جدا تقديم حكم قاطع في هذا الصدد، نظرا للتعقيد الشديد للنسيج الاجتماعي والثقافي الأمريكي ولتطوره المستمر، لذلك يمكننا في الوقت الحالي التفكير فقط في البيانات المؤكدة أو المحتملة بشدة المتاحة لنا”.
وأضاف أن “قرار ترشيح هاريس أثار حماسة الناخبين الديمقراطيين المحبطين وقد نجحت هاريس، من خلال رسائلها الداعمة لحقوق الأقليات، في جذب تأييد النساء والشباب والأمريكيين من أصول إفريقية، مما أدى إلى صعودها في استطلاعات الرأي خلال الصيف، لكن لكي تستمر تلك الحماسة، كان لا بد من دعمها في وقت ما ببرنامج سياسي أكثر تفصيلا وبتحديد شخصية المرشحة وتجاوز بعدها الأيقوني”.
وتابع أن “ترامب واصل من جهته جذب الجماهير بقدرته القوية على التواصل، معتمدا على شعارات وطنية وسلسلة من الخطابات التي تحمل رسائل ثابتة، ومع اقتراب الانتخابات، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدمه الطفيف في عدة ولايات حاسمة، ومع ذلك، ما زال التنبؤ بفوزه أمرا صعبا، حيث يظهر نظام التصويت المعقد والمتفاوت بين الولايات أن النتيجة النهائية قد تظل غير حاسمة حتى آخر لحظة”.
وختم بالقول إنه “في حال فازت هاريس، فقد تظل الولايات المتحدة عالقة في صراعات تتعلق بقضايا اجتماعية مثيرة للانقسام، مما قد يهدد وحدة النسيج الاجتماعي، أما إذا انتصر ترامب، فبالرغم من العديد من الصعوبات المتوقعة والمعارضة الداخلية، قد تظهر صورة مختلفة للعملاق الأمريكي في العالم، هي صورة الدولة الحازمة المدافعة عن النموذج السياسي الغربي، وفي الوقت نفسه العملية والواقعية الهادفة إلى الاستقرار”.