الدوحة – يعد مشروع الشراكة بين مكتبة قطر الوطنية والمكتبة البريطانية واحدا من أبرز الشراكات التي أبرمتها المؤسسة البريطانية على مدار تاريخها الطويل بهدف إثراء المعرفة الإنسانية وإتاحة المعلومات للباحثين من مختلف أنحاء العالم.
وقد أثمرت هذه الشراكة التي بدأت في عام 2012 عن تدشين مكتبة قطر الرقمية في عام 2014 في إطار شراكة طويلة الأمد بين مؤسسة قطر ومكتبة قطر الوطنية والمكتبة البريطانية، بعد مرور عشر سنوات على إطلاقها، لتصبح من أكبر مشاريع الرقمنة للمكتبات الوطنية حيث تتضمن الشراكة رقمنة مجموعة كبيرة من مقتنيات المكتبة البريطانية من أجل تعميق فهم التاريخ الحديث والتراث الثقافي والحضاري لمنطقة الخليج والعالمين العربي والإسلامي.
وقد تمكنت المكتبة البريطانية، بفضل التعاون مع مكتبة قطر الوطنية، من رقمنة مجموعاتها المتعلقة بتاريخ الخليج والعلوم العربية، وإتاحتها لملايين المستخدمين حول العالم، ما يفتح مجالات جديدة من البحوث والإبداع، ويحدث ثورة في سهولة الوصول لهذه المجموعات الثرية بالمعلومات التاريخية والاطلاع عليها ودراستها.
وشهدت المرحلة الثالثة من الشراكة التي انطلقت في يناير 2019 رقمنة 900 ألف صفحة جديدة من الوثائق والسجلات حول تاريخ منطقة الخليج، بالإضافة إلى مخطوطات المؤلفات العربية في مجال العلوم والطب والهندسة والفلك. وتتضمن المواد الجديدة المرقمنة حول منطقة الخليج مقاطع موسيقية وخرائط وسجلات للسفن وتقارير وخطابات ومراسلات وأوراقا خاصة ومطبوعات تاريخية.
وشكلت أغلب التقارير والخطابات والوثائق التي اختيرت لمشروع الرقمنة في مرحلته الثالثة محتوى جديدا تماما على الباحثين حيث لم تكن مفهرسة أو منشورة من قبل. وتسلط هذه الوثائق ضوءا جديدا على تاريخ دولة قطر ومنطقة الخليج، لاسيما سجلات سفن شركة الهند الشرقية خلال الفترة من القرن السابع عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر، بعد تحويلها إلى خرائط رقمية تساعد المستخدمين على التعرف على الزيادة المطردة في عدد عمليات الشحن بين الخليج والهند وبريطانيا، منذ اللحظات الأولى لاندماج منطقة الخليج في الاقتصاد العالمي.
وقالت سابا سيد، رئيسة الشراكة بين المكتبة البريطانية ومؤسسة قطر في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية / قنا / بمناسبة مرور عشر سنوات على الشراكة، إن هذا المشروع “يعد مثالا على شراكة ناجحة بين مكتبتين وطنيتين. فالمكتبتان عملتا معا لإنشاء مورد مفتوح وفريد عن الشرق الأوسط يمكن الوصول إليه بسهولة. وقد تم إنجاز هذه المهمة عن طريق عملية رقمنة مفصلة ومعقدة تخللتها تحديات تقنية استخدم في التغلب عليها حلول رقمية مبتكرة لإتاحة الوثائق التاريخية.” وأوضحت أن مكتبة قطر الرقمية “هي شراكة خاصة تضم أرشيفا ضخما يحتوي على مليونين وأربعمائة ألف صورة أرشيفية وخرائط ومخطوطات وصور وتسجيلات صوتية وغيرها الكثير من مقتنيات المكتبة البريطانية، متضمنة دليلا بأوصاف باللغتين، إضافة إلى أكثر من مائتي مقالة لخبراء بالعربية والإنجليزية، منوهة بأن المكتبة الرقمية تلقي الضوء على التراث الثقافي والتاريخي الغني لمنطقة الخليج والمنطقة الأوسع، وهي متاحة مجانا على الإنترنت لأول مرة لتصبح موردا وأداة هامة للباحثين والمؤرخين والهواة ممن لديهم شغف من مختلف الأعمار”.
وأضافت رئيسة الشراكة بين المكتبة البريطانية ومؤسسة قطر، أن المشروع احتوى على مقتنيات المكتبة البريطانية بما في ذلك “سجلات وزارة الهند” التابعة للحكومة البريطانية التي تغطي الفترة من عام 1763 إلى عام 1951، والوثائق الخاصة والمخطوطات العلمية العربية، والتي تضم خرائط وصورا وسجلات ومراسلات وملفات صوتية ومخطوطات، وكلها مواد تلقي نظرة ثاقبة على الحياة الغنية والسياسة والأعمال والثقافة في منطقة الخليج.
وأردفت أن من بين أبرز الوثائق خمسمائة خريطة ومخطط للخليج العربي والمنطقة ككل، والأوراق الخاصة بالسير لويس بيلي الذي أقام في منطقة الخليج في الفترة ما بين 1862 و 1872، ومخطوطات علمية عربية من مقتنيات المكتبة البريطانية تغطي موضوعات طبية ورياضية وفلكية وهندسية. وتضم الصور مجموعة من الرسائل البريدية ومطبوعات ومخططات ورسومات بألوان المياه ولوحات منقوشة ورسوما توضيحية.