بالعربي- وام
أبوظبي – تعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى دولة الكويت الشقيقة محطة هامة في مسار تعزيز العلاقات بين الإمارات والكويت، وتعكس التزام البلدين بتطوير التعاون في مختلف المجالات. إن العلاقات بين البلدين ترتكز على أساس متين من الأخوة والتاريخ المشترك، حيث أن الكويت كانت من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع دولة الإمارات بعد قيام الاتحاد في عام 1971. وقد شهدت هذه العلاقات العديد من المراحل التي تعكس تنسيقاً وتعاوناً مستمراً بين الحكومتين والشعبين.
منذ زيارة صاحب السمو الشيخ مشعل الأح مد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، إلى الإمارات في مارس الماضي، واستمرار الزيارات الرسمية بين مسؤولي البلدين، يتضح الإصرار على تعزيز الروابط في مجالات متعددة. في أكتوبر 2023، قام سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بزيارة رسمية إلى الكويت، في خطوة مهمة لدفع التعاون الثنائي بين البلدين إلى آفاق أوسع.
لطالما كانت الإمارات والكويت حريصتين على تنسيق مواقفهما في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، بما يخدم مصالحهما المشتركة ويعزز استقرار المنطقة. وتلتقي مواقف البلدين في أهمية إيجاد حلول دبلوماسية للنزاعات الإقليمية، والحفاظ على الأمن والسلام في المنطقة، وهو ما تجلى في دعم كل من الإمارات والكويت للمبادرات الساعية إلى حل النزاعات عبر القنوات الدبلوماسية ووفقاً للقوانين الدولية.
في المجال الاقتصادي، شهدت العلاقات بين البلدين تقدماً كبيراً، حيث يعتبر التبادل التجاري جزءاً مهماً من هذه العلاقات. فقد بلغ حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات والكويت في 2023 حوالي 12.198 مليار دولار، وهو ما يعكس زيادة مستمرة في المبادلات التجارية بين البلدين. كما أن الإمارات تعد أكبر سوق لصادرات الكويت غير النفطية، مما يعزز الشراكة الاقتصادية بين الجانبين. في الوقت نفسه، تستمر الاستثمارات المتبادلة بين البلدين في النمو، حيث شهدت السنوات الأخيرة تدفق استثمارات كبيرة بين الإمارات والكويت، ما يعكس ثقة المستثمرين في الفرص الاقتصادية المشتركة.
على صعيد آخر، تشهد العلاقات الثقافية والتعليمية بين الإمارات والكويت تقارباً ملحوظاً. حيث يتبادل البلدان الخبرات في مجالات التعليم والفنون، ويستقطب القطاع التعليمي الإماراتي أعداداً كبيرة من الطلاب الكويتيين. وقد بلغ عدد الطلاب الكويتيين في الجامعات الإماراتية حوالي 1725 طالباً في العام الماضي، ما يبرز العلاقة الوثيقة بين الشعبين في مجال التعليم العالي. كما أبرمت الإمارات والكويت العديد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية التي تعزز التعاون بين مؤسسات البلدين.
في السياحة، شهدت العلاقات بين البلدين نمواً ملحوظاً، حيث زار الإمارات في 2023 أكثر من 381 ألف سائح كويتي، في حين بلغ عدد السياح الإماراتيين في الكويت حوالي 42 ألف سائح خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024. هذه الزيادة في أعداد السياح بين البلدين تعكس تقارباً في الروابط الثقافية والاجتماعية، وتعكس الرغبة المتبادلة في تعزيز السياحة بين البلدين. كما تشير الرحلات الجوية المنتظمة بين الإمارات والكويت إلى تنامي حركة التنقل بين البلدين، وهو ما يعكس الاستثمارات المشتركة في قطاع الطيران والنقل.
وفيما يتعلق بالشأن البيئي، فقد كان لدولة الكويت دور بارز في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيُّر المناخ “COP28” الذي عقد في دبي في 2023. حيث قدمت الكويت مجموعة من المبادرات البيئية لدعم الاستدامة، وهو ما يعكس اهتمام البلدين بالقضايا البيئية العالمية. كما أن مشاركة الكويت في “تحالف القرم من أجل المناخ” الذي أطلقته الإمارات يعزز التعاون البيئي بين البلدين في مواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
عموماً، فإن العلاقات بين الإمارات والكويت تتسم بالعمق والشمولية، وهي علاقات تتطور باستمرار في جميع المجالات. من خلال التعاون المستمر في السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم، يواصل البلدان العمل سوياً على تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تثمر عن نتائج إيجابية للشعبين الشقيقين. وتبقى زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الكويت نقطة انطلاق جديدة لمزيد من التعاون المثمر بين البلدين في المستقبل القريب.