أثار قرار حديث صادر عن وزارة النقل واللوجستيك المغربية ردود فعل متباينة وجدلاً واسعًا في أوساط شركات كراء السيارات بالمغرب، وذلك بعد فرض شروط صارمة على ترقيم السيارات الجديدة، خاصة تلك التي تعود لفروع الشركات العاملة في مدن مختلفة عن المدن التي تحتضن مقراتها الاجتماعية الرئيسية.
هذا القرار، الذي يهدد بتقييد حركة الفروع والحد من التنافسية، يواجه انتقادات حادة من المهنيين في القطاع.
وفقًا للمراسلة الصادرة عن مصلحة التنسيق وتنشيط القطاع والتواصل بالرباط، أصبح لزامًا على الشركات الإدلاء بشهادة تؤكد إبرام صفقة كراء بدون سائق، بالإضافة إلى نسخة موقعة من الأمر بتنفيذ الخدمة من قبل صاحب المشروع، مع التأكيد على ضرورة الالتزام الصارم بنوع وعدد العربات المحددة في الصفقة.
غير أن النقطة الأكثر إثارة للجدل، بحسب ما أكده مهنيون لوسائل الإعلام، تتمثل في رفض تسجيل السيارات الجديدة العائدة لفروع شركات تنشط فعليًا في الرباط، وذلك بذريعة أن دفتر التحملات الجديد يشترط حصر عملية الترقيم في المدينة التي يوجد بها المقر الاجتماعي للشركة الأم. هذا التقييد ينطبق حتى لو كان الفرع المعني يمارس نشاطه بشكل كامل في العاصمة الرباط.
أعرب العديد من الفاعلين في قطاع كراء السيارات عن قلقهم البالغ إزاء التداعيات الخطيرة لهذا الإجراء على أعمالهم. فهم يحذرون من أن العديد من الصفقات العمومية تشترط توفر المركبات على ترقيم محلي، وأن رفض الزبائن استئجار سيارات تحمل لوحات تسجيل من مدن بعيدة (مثل أكادير أو العيون أو الدار البيضاء) قد يؤثر سلبًا على الإيرادات والأرباح ، كما قد تدفع بعض الشركات إلى الإغلاق والإضرار بالتنافسية ،خاصة بالنسبة للشركات التي تعتمد على فروعها في مختلف المدن لتلبية الطلب المحلي.
وشكك مصدر مهني في المبرر الذي قدمته وزارة النقل، والذي عزا القرار إلى “ضعف الموارد البشرية بمراكز تسجيل الرباط”. واعتبر أن هذا التبرير يتنافى مع التوجهات الحكومية الرسمية نحو الإدارة الرقمية وتبسيط المساطر الإدارية. كما أكد المصدر أن هذه الشروط الجديدة تضرب مبدأ تكافؤ الفرص، وتقصي بشكل غير مبرر المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تلتزم بجميع التزاماتها القانونية والجبائية.
فيما عبرت الجمعيات المهنية الممثلة لقطاع كراء السيارات عن استيائها الشديد من تفعيل هذه التدابير دون أي استشارة مسبقة مع المعنيين بالأمر. وأشارت إلى أنها سبق وأن راسلت وزارة النقل في يوليو 2022 بشأن قضايا التلاعب والمنافسة غير الشريفة في القطاع، ولكنها لم تتلق أي رد رسمي بشأن تلك المراسلات، مما يعكس غياب المقاربة التشاركية في اتخاذ القرارات التي تؤثر بشكل مباشر على القطاع.
يحذر الفاعلون في القطاع من أن دفتر التحملات الجديد قد يؤدي إلى تكريس ما وصفوه بـ “منطق الزبونية” وفتح الباب لامتيازات غير عادلة لشركات معينة مستقرة بالرباط. هذا الوضع، حسب تحذيراتهم، قد يفضي إفلاس مقاولات جهوية وتسريح مئات العمال في وقت يفترض فيه تحفيز الاستثمار وتوسيع فرص الشغل، لا التضييق عليها.
يضع هذا القرار وزارة النقل واللوجستيك أمام مسؤولية مراجعة آليات تنزيل الإصلاحات، بما يضمن تحقيق العدالة المجالية وتوفير مناخ تنافسي نزيه يراعي مصالح جميع المتدخلين في قطاع كراء السيارات الحيوي.