بالنظر إلى التحليلات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، يتضح أن المشهد الاقتصادي المغربي في مطلع عام 2025 يواجه تحولًا ملحوظًا على صعيد مستوى الأسعار. فبعد استقرار نسبي للتضخم خلال الربع الأخير من العام المنصرم، تشير التوقعات إلى صعود في وتيرة ارتفاع الأسعار، حيث من المرجح أن يقفز المعدل العام للتضخم من 0.7% في الربع الرابع من عام 2024 ليصل إلى 2.2% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
يعزى هذا المنحى التصاعدي بشكل أساسي إلى ديناميكية أسواق السلع، سواء الغذائية أو غير الغذائية. فمن جهة، من المتوقع أن تشهد أسعار المواد الغذائية قفزة تقدر بنحو 3.7%، مما يمثل المحرك الرئيسي لهذا التسارع التضخمي. ومن جهة أخرى، من المنتظر أن تسجل أسعار المنتجات غير الغذائية بدورها ارتفاعًا، وإن كان بوتيرة أبطأ نسبيًا، حيث تقدر الزيادة المتوقعة بـ 1.1%.
في قلب هذا الارتفاع في التضخم الغذائي، تبرز بشكل خاص الزيادات المتتالية في تكلفة المواد الغذائية الأساسية. فعلى وجه التحديد، لعب الارتفاع المستمر في أسعار اللحوم، والذي استمر لأكثر من عام كامل، دورًا محوريًا في هذا السياق، حيث ساهم بأكثر من نقطة مئوية واحدة في المعدل العام للتضخم. وبالمثل، من المتوقع أن تساهم أسعار الأسماك الطازجة والخضروات الطازجة في هذا الاتجاه الصعودي، بمساهمات تقدر بنحو 0.2 نقطة و 0.1 نقطة على التوالي. ويجدر الإشارة هنا إلى التحول الذي طرأ على مساهمة أسعار الخضروات الطازجة، التي انتقلت من تأثير مخفض للتضخم (-1 نقطة في الربع السابق) إلى عامل دافع له في الربع الحالي.
إلى جانب هذه العوامل المتعلقة بتقلبات الأسواق، من المنتظر أن يكون للتعديلات التعريفية تأثير إضافي، وإن كان أقل حدة، على مسار التضخم. وفي هذا الإطار، من المرجح أن تساهم الزيادة التي طرأت على أسعار التبغ، والتي بلغت 2.9% في شهر يناير، في تعزيز الضغوط التضخمية بشكل عام.
وعليه، يمكن استخلاص أن التوقعات الاقتصادية للفصل الأول من عام 2025 تشير إلى فترة تشهد تصاعدًا في الضغوط التضخمية، مدفوعة بشكل أساسي بارتفاع تكاليف الغذاء، مع مساهمة إضافية من بعض التعديلات التعريفية. ويتطلب هذا الوضع متابعة دقيقة لتطورات الأسعار واتخاذ التدابير اللازمة للحد من الآثار السلبية المحتملة على القدرة الشرائية للمواطنين والاقتصاد الوطني بشكل عام.