لقد أسدل القضاء الستار على نزاع قانوني امتد لأكثر من خمسة عشر عامًا، ليضع بذلك نقطة النهاية لمعركة قضائية محتدمة جمعت بين مجموعة “ينا هولدينغ” المغربية وشركة “Fives FCB” الفرنسية. صدر الحكم النهائي في هذه القضية بتاريخ 15 مايو الجاري، وقضى برفض جميع مطالب الشركة الفرنسية. يُعد هذا القرار انتصارًا قانونيًا مدويًا لمجموعة “ينا هولدينغ”، ويحمل في طياته رد اعتبار معنويًا كبيرًا لإرث مؤسسها الراحل، الحاج ميلود الشعبي.
تعود جذور هذا النزاع الطويل الأمد إلى خلافات تعاقدية وفنية نشأت بين الطرفين، وتطورت لتدخل أروقة المحاكم منذ سنوات عديدة. على مدار هذه الفترة، شهدت القضية مراحل متعددة وتقلبات قانونية، حيث تناولت أبعادًا معقدة تتعلق بالعقود المبرمة، الالتزامات المتبادلة، والمسؤوليات الفنية والمالية. لقد استلزم حل هذه القضية جهودًا مضنية من الفرق القانونية لكلا الطرفين، وعرضت أمام محاكم ودرجات تقاضي مختلفة، مما يعكس مدى تعقيدها وتشعبها.
يُشكل هذا الحكم النهائي نقطة تحول محورية، فهو لا يمثل مجرد إنهاء لنزاع قضائي فحسب، بل يكرس مبدأ سيادة القانون ويعزز الثقة في المنظومة القضائية المغربية وقدرتها على الفصل في القضايا التجارية المعقدة. بالنسبة لمجموعة “ينا هولدينغ”، فإن هذا الانتصار يتجاوز الأبعاد المالية أو التعاقدية؛ إنه تأكيد على سلامة موقفها القانوني ونجاح استراتيجيتها الدفاعية التي استمرت عقدًا ونصف العقد.
يحمل الحكم دلالة رمزية عميقة، خصوصًا وأنه يُنظر إليه كـ “رد اعتبار معنوي لإرث مؤسسها الراحل الحاج ميلود الشعبي”. فالحاج ميلود الشعبي، الذي يُعتبر أحد أبرز رواد الأعمال في المغرب، بنى “ينا هولدينغ” على أسس قوية من النزاهة والمثابرة. هذا النصر القضائي يؤكد على متانة البنية القانونية التي أرساها، ويُرسخ سمعة المجموعة ككيان اقتصادي يحتكم إلى القانون ويصمد أمام التحديات، حتى وإن استمرت لسنوات طويلة.
من شأن هذا الحكم أن يبعث برسالة إيجابية للمستثمرين المحليين والدوليين حول البيئة القانونية للأعمال في المغرب. فوضوح الأحكام القضائية وحسم النزاعات الكبرى يُعد عاملًا جاذبًا للاستثمار ويُسهم في خلق مناخ أعمال أكثر استقرارًا ويقينًا. كما أنه يعزز من مكانة “ينا هولدينغ” كفاعل اقتصادي رئيسي، قادر على تجاوز العقبات القانونية بنجاح والحفاظ على مكانته في السوق.
بهذا القرار، تكون محكمة النقض قد طوت صفحة من أطول النزاعات التجارية في المغرب، لتؤكد بذلك على قوة المؤسسات القضائية وقدرتها على إرساء العدالة، وتقديم ضمانات لحماية حقوق الأطراف الاقتصادية.