في خطوة ذات دلالات واضحة المعالم وتُقرأ كرسالة مُوجهة إلى أطراف إقليمية ودولية معنية، عمدت وكالة الأرصاد الجوية الرسمية الإسبانية (AEMET) إلى نشر خريطة متكاملة للمملكة المغربية تشمل منطقة الصحراء المغربية ضمن حدودها المعترف بها في سياقاتها الرسمية المتعددة. وقد تجلى هذا الأمر بوضوح في مختلف منشورات الوكالة، سواء تلك التي يتم تحديثها دوريًا على موقعها الإلكتروني الرسمي، أو تلك التي تتداولها عبر قنوات التواصل الاجتماعي المختلفة، مما يجعل هذا التوجه الجديد بارزًا ولا يمكن تجاهله.
يُستشف من هذا الإجراء، الذي اتخذته مؤسسة حكومية إسبانية ذات ثقل، تعزيزًا للموقف الإسباني الجديد تجاه قضية الصحراء المغربية، والذي يرى في مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب أساسًا “أكثر جدية ومصداقية وواقعية” لإيجاد تسوية نهائية لهذا النزاع الذي طال أمده لعقود تجاوزت الخمسة. ويأتي هذا التوجه في سياق ديناميكية إيجابية تشهدها العلاقات الثنائية بين مدريد والرباط، والتي تعززت بشكل ملحوظ منذ الإعلان الرسمي لإسبانيا في عام 2022 عن دعمها الصريح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية.
إن تضمين الخريطة الكاملة للمغرب، بما فيها الصحراء المغربية، في البيانات والمعلومات الرسمية الصادرة عن وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية، لا يُعد مجرد تحديث تقني للخرائط المستخدمة، بل يحمل في طياته رمزية سياسية ودبلوماسية قوية. فهو يعكس، بشكل غير مباشر، تبنيًا متزايدًا لوحدة الأراضي المغربية من قبل مؤسسات الدولة الإسبانية، الأمر الذي يتماشى مع التطورات الأخيرة في موقف الحكومة الإسبانية.
هذا التطور الجديد من شأنه أن يثير نقاشات وردود فعل مختلفة على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة من الأطراف التي لا تزال تتبنى مواقف مغايرة بشأن مستقبل الصحراء المغربية. ومع ذلك، فإنه يعزز من مكانة الموقف المغربي ويدعمه بخطوات عملية ملموسة من قبل حليف أوروبي وازن كإسبانيا، مما قد يساهم في دفع جهود إيجاد حل سياسي توافقي لهذا الملف الشائك.