بالعربي- و م ع
وقال السيد ولد الرشيد، في كلمة له خلال افتتاح أشغال “مؤتمر المستقبل” الذي ينظمه البرلمان المغربي بمجلسيه بالتعاون مع مؤسسة “لقاءات المستقبل” ومجلس النواب ومجلس الشيوخ في جمهورية الشيلي، إن هذه التحديات لا يمكن اختزالها في مجرد قضايا تقنية تحل بمعادلات رياضية أو سياسات قطاعية، بل هي قضايا وجودية تمس جوهر الإنسانية ووجودها؛ ومنها التغير المناخي.
وفي هذا الصدد، لفت رئيس مجلس المستشارين إلى أن المغرب يعي حجم هذه التحديات، من خلال حرصه على تبني توجه استباقي قائم على استراتيجيات تنموية، لتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان السيادة الطاقية، وتسريع وتيرة التحول إلى الاقتصاد الأخضر، لا سيما على مستوى الاستثمار في الطاقات المتجددة، وفق أهداف “الخطة الوطنية منخفضة الكربون طويلة الأمد 2050″، التي قدمها المغرب للأمم المتحدة في نهاية عام 2021.
ولا يقتصر الالتزام على قضية المناخ فحسب، يشير السيد ولد الرشيد، بل يمتد ليشمل الأمن الغذائي، مبرزا أن المغرب لعب ويلعب دورا رياديا، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطلاق ودعم عدد من المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى تطوير الشراكات بين عدد من مناطق ودول العالم، وخصوصا المنطقة العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية والكارييب، وعلى رأسها المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية.
وبخصوص مسألة السلم والأمن، التي ستستأثر باهتمام المشاركين في المؤتمر، شدد رئيس مجلس المستشارين على أن المملكة أظهرت على الدوام التزاما ثابتا ودائما لفائدة حفظ السلام والأمن في العالم، وذلك انسجاما مع رؤية ملكية متبصرة للسياسة الخارجية المغربية، المرتكزة على الالتزام بالعمل المشترك، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون البناء، ونشر قيم الحوار والسلم والتعايش في العالم، والمساعدة على إقراراهما حفاظا على الأمن ونبذا للصراعات والحروب، والتشبث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
أما في ما يتعلق بقضية الهجرة، اعتبر أنها “ظاهرة أضحت تتخذ أبعادا مقلقة، وتتطلب إدارتها رؤية إنسانية شاملة توازن بين السيادة الوطنية وحقوق المهاجرين “، مؤكدا أن المغرب يقدم نموذجا يمكن أن يحتذى به في هذا الإطار.
من جهة أخرى، شدد السيد ولد الرشيد على أن احتضان البرلمان المغربي دورة ” مؤتمر المستقبل” له دلالاته الرمزية القوية، كونه تأكيد، من جهة، على المكانة الرائدة والثقة التي يحظى بها المغرب على الصعيدين الدولي والإقليمي، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ومن جهة ثانية، هو يعكس متانة وقوة العلاقات المتميزة والعريقة التي تجمع المغرب والشيلي.
وخلص إلى أن استضافة المغرب لهذه النسخة من المؤتمر تأتي أيضا في إطار إشعاع هذه المبادرة داخل القارة الإفريقية، خصوصا وأن المملكة جعلت من التعاون جنوب – جنوب ودعم المبادرات التنموية والتضامنية، كأحد أركان سياستها الإفريقية.
يذكر بأن “مؤتمر المستقبل”، الذي يشكل مناسبة لتبادل وجهات النظر بين البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين والعلماء والباحثين والجهات الفاعلة حول القضايا التي تهم مستقبل البشرية، يتناول في دورته الحالية عددا من القضايا الحيوية الراهنة من قبيل التحديات التي تواجه عالم المستقبل، وتغير المناخ والهجرة الدولية، وتعزيز السلم والأمن في العالم، والأمن الغذائي، والتعاون بين الشمال والجنوب، ومواجهة التحديات الصحية العالمية، والتحول الطاقي وآفاقه، والتحولات التي تشهدها العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد والمجتمع، وتعزيز التسامح والمساواة بين الجنسين، وإفريقيا كقارة للمستقبل.